بدأ العمل التجاري منذ أن كان عمره (11) عاماً كمراسل بين المحال والزبائن، ثم عمل أميناً للصندوق ومشرفاً على مكتب والده -رحمه الله- حتى وفاته، وكان عمره في ذلك الوقت (20) عاماً، فورث تجارة قائمة، وعمل مع شقيقه «عبدالله» -رحمه الله- يداً واحدة في المحافظة على ما تركه والدهما، وتطويره والمحافظة عليه والاستمرار في تنميته نحو القمة.
"عبدالعزيز بن محمد بن سعد العجلان" -رئيس مجلس إدارة شركة أبناء محمد سعد العجلان ورئيس مجلس إدارة شماغ البسام-، استطاع بتوفيق الله أولاً، ثم العمل الدؤوب والكفاح والصبر والصدق والأمانة أن يحقق نجاحات تجارية متعددة الأنشطة، عبر المنافسة في السوق بشعار التجديد والتطوير، وهو ما قاده لأن تُسيطر شركته على (50%) من "سوق الأشمغة" في المملكة ودول الخليج، من خلال توفير عدة منتجات ل"أشمغة البسام" ك"البصمة" و"بلص" و"مايفير"، وكذلك "جونلين" و"المثالي". "الرياض" تستقصي بدايات ونجاحات رجل الأعمال "عبدالعزيز بن محمد العجلان
العجلان مع الأمير سلمان أثناء تكريمه كنائب رئيس مجلس الأمناء بمنتدى الرياض الاقتصادي
حي الديرة
وُلد "عبدالعزيز العجلان" في "حي الديرة" في "منطقة المعيقلية" الحالية داخل الرياض، وكان من جيرانهم الشيخ "عبدالعزيز بن باز" -رحمه الله- والشيخ "عبدالعزيز بن نصار"، و"الهديان"، و"المصيريعي"، و"السعدي"، و"الرويشد"، ثم انتقل وعمره تقريباً ستة أعوام إلى منزل جديد يسمي آنذاك بالعمارة، نسبة لكبر المبنى، في قصر مسلح بالقرب من محطة القطار، وفي الأسفل مستودعات لتجارة والده وفي الأعلى سكن، وكان في ذلك الوقت "مَعلم" من مباني الرياض، ثم انتقل بعدها إلى "حي التخصصي" وأخيراً "حي الثغر".
التحق في بداية تعليمه بمدرسة "الخالدية" ثم انتقل للمدرسة "السعودية" في "شارع الريل" ثم إلى مدرسة "الأندلس" الابتدائية، بعدها التحق بالمتوسطة الثالثة ثم ثانوية "النصر"، ثم انتقل إلى "بريطانيا" حيث أكمل دراسته هناك وعاد إلى المملكة.
نافس بشعار التجديد ومضى يحصد رضا الجمهور مع «شماغ البسام»
مجمل نصائح
وعن أصدقاء الطفولة أوضح "العجلان" أن أكثرهم من أبناء عمومته الذين كانوا في عمره، مضيفاً أنه تأثر كثيراً بالآخرين إلاّ أن الأهم بالنسبة له كان والده "محمد بن سعد العجلان" -رحمه الله-، حيث رآه وآخرون رجلاً استثنائياً وعصامياً، خرج من قريته صغيراً وهي قرية "رغبة" بمنطقة "المحمل" ثم انتقل إلى مكة المكرمة ثم إلى مدينة الرياض، فوضع قواعد المؤسسة، شاكراً الله أن وفقهم في المحافظة عليها، مبيناً أنه تعلم من والده أشياء كثيرة لا يمكن حصرها في يوم أو في عام، لكن مجمل نصائحه كانت تنحصر في السعي والعمل الجاد والبعد عن الكسل والتخاذل، مستشهدا بقوله تعالى: "فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور"، معتبراً
هذه البداية التي تساعد على نجاح الشخص، وهي عملية الحركة ونفض غبار النوم والكسل، إضافة إلى الصدق والأمانة وإخلاص النية؛ لأنها أساس للنجاح في العمل التجاري.
مجلس وجامعة
ولم يغفل "العجلان" إفادته من مجلس والده العامر الذي كان يرتاده خيرة الرجال من شيوخ البادية ورجال الأعمال والمثقفين والمفكرين، معتبراً مجلسه جامعة نهل منها علوماً وتجارب عديدة، أيضاً تأثر بوالدته "سارة بنت عبدالعزيز العجلان" -رحمها الله-، التي أحسنت تربيته وضحت من أجله بالشيء الكثير، فلا يسمع منها إلاّ الكلام الطيب والنصح بالتمسك بالدين والمحافظة على الصلاة، إذ كانت أم لكل أبناء الأسرة ممن هاجروا إلى مدينة الرياض واستضافهم والده في منزله، الذي كان مقصداً لكثير من جماعة أسرته، كما تأثر بوالدته الأخرى وهي زوجة جدّه التي لم ترزق بأولاد "منيرة الجليل"، حيث عاشت إلى أن توفاها الله في بيتهم، ورعته مثل رعاية والدته، وكأنه ابن لها ينام في غرفتها، ومازال إلى الآن يعترف بفضلها.
تعلّم من والده أهمية السعي والعمل الجاد والبعد عن الكسل والتخاذل
موقف لا يُنسى
وعن الفرق الجوهري بين الحياة قديماً والآن، ذكر "العجلان"
أن هناك فرقاً كبيراً وشاسعاً ومذهلاً، مضيفاً أنه تعامل مع أشخاص كانوا يتغطون من برد الشتاء قديماً ب"التبن"، حيث أن من لديه تبن يُعد غنياً، رغم أنه شخصياً لم يعش تلك المرحلة، لكن رأى من عاش تلك الفترة الحرجة وبعضهم مازال على قيد الحياة، مشيراً إلى أنه تواجد في فترة البساطة وعدم الترف، مُستشهداً ببعض المواقف التي مازال يتذكرها؛ منها زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع أثناء مواساة سموه في وفاة والده فقال لهم: "إذا احتجتوا شيء أنا في مكتبي، الله يحييكم"، لافتاً إلى أنه بعد عام زار سموه وأخبره أن أمورهم بخير، لكن لديهم طلب، فقال سموه: "ما هو؟"، فقلت: "سبق أن تفضلت وشرفت والدنا بزيارة إلى منزله، واليوم أمنيتنا أن تُشرف منزلنا نحن أبناء محمد السعد العجلان"، فقال سموه: "أبشروا"، وبعدها بأسبوعين تشرفنا بزيارته -حفظه الله-.
وهنا متحدثاً للزميل سلطان العثمان «عدسة- بندر بخش»
شركة هندية
وتذكّر "العجلان" موقفاً آخراً عندما سافر مع والده وعمره لم يتجاوز (20) عاماً إلى الهند في رحلة عمل في بداية السبعينيات الميلادية، لحل مشكلة مع شركة هندية، حيث طلب منه والده أن يتولى الموضوع، وبالفعل وافق على توليه رغم أن الشركة الهندية من الشركات الكبيرة فاستقبلتهم الشركة استقبالاً طيباً، ثم تناقشا وتباحثا في الحلول الممكنة لمشكلة تتعلق بتأخر شحن البضاعة إلى المملكة، حيث لم تكن الخسارة كبيرة، بل كانت خسارة دفترية، وكان في قراره طالما أنهم لم يخسروا شيئاً والشركة أكرمتهم فلا داعي لإثارة مشكلة لقضية يمكن تجاوزها، فأنهى الأمور بالتسامح، وهو ما جعل أبيه يُشيد به وبموقفه ثم عادوا إلى الرياض.
وأشار أيضاً إلى موقف آخر، حيث واجهتهم مشكلة في بيروت تتعلق ببضاعة تصل إلى ميناء بيروت ويجب جلبها إلى الرياض عن طريق البر قبل عيد الفطر، وطلب منه والده السفر إلى بيروت لحل المشكلة وإرسال البضاعة فوراً، فسافر وأنجز المهمة في زمن وجيز وأكمل الإجراءات "الجمركية" وشحن البضاعة بالطائرة وليس براً بعد عملية حسابية بين بيعها قبل العيد أو تأخير ذلك بعد العيد، مبيناً أنه وصل الرياض في اليوم السادس من رمضان معتقداً والده أنها في الطريق، فقال لوالده: "هي الآن في المستودع"، فقال والده: "مدها وأنا أبوك، هذا أفضل من حل مشكلة الهند"، على الرغم أن والده أشاد في وقتها بتلك النتيجة في الهند إلاّ أن هدفه كان من أجل أن يتعلم أكثر.
عمل جاد
وعن بدايات العمل وأبرز مراحل التطور، أوضح "العجلان" أنه بفضل من الله ولد في بيت تجاري عريق، وبالتالي ليس غريباً أن يكون تاجراً، مضيفاً أنه مارس التجارة منذ أن كان عمره (11) عاماً، ولم يكن يمارس نشاطاً محدداً، بل دمج بين الملابس والمواد الغذائية والعقار وبعض الأمور المالية، حيث بدأ مع والده مراسلاً بين المحال والزبائن ثم أنخرط بشكل جدي عندما بلغ (17) عاماً، وعمل أميناً للصندوق ومشرفاً على المكتب لأعوام، ولأن العمل يتطلب أن يتحدث اللغة الانجليزية أصر والده أن ينقله من مقاعد المدارس الابتدائية إلى الدراسة في بريطانيا وهو في سن (14) عام تقريباً، مبيناً أنه استمر في العمل مع الوالد حتى توفاه الله تعالى وكان عمره في ذلك الوقت (20) عاما تقريباً، وورث هذه التجارة القائمة، وكان يرى أن من واجبه الاستمرار والمحافظة على القمة، نظراً لأن إخوته قُصّر سوى اثنتان من الأخوات السبع و"عبدالله" -رحمه الله-، مشيراً إلى أنه عمل مع شقيقه يداً واحدة في المحافظة على ما تركه والدهما، وكذلك تطويره، ومن ثم اتفق جميع الأخوة على العمل الجاد دون افتراق حتى هذه اللحظة.
يعاني من المقلدين للبضائع وصعوبات النقل إلى المملكة و«البيروقراطية»
خيارات متعددة
واستطاع "العجلان" الحفاظ على تركة والده -رحمه الله- وعلى حقوق أخوته، بعد ذلك تم تحويل الشركة باسم شركة أبناء "محمد بن سعد العجلان"، ومازالت إلى اليوم تحمل السجل التجاري رقم (6)، وبذلك يُعد والده الشخص السادس الذي دخل إلى وزارة التجارة منذ إنشائها، ولا زال بفضل الله يفتخر أنه حافظ على تركة والده وتسليمه لأخوانه وأخواته أموالهم غير منقوصة، إلى جانب كسب محبتهم وعطفهم وهذا أعز ما يملكه.
بعد هذا النجاح أصبحت للشركة عدة نشاطات ومنها النشاط الزراعي، حيث يُنتج (1500طن) تقريباً من البُر، وتطور الأمر إلى أكثر من ذلك، حيث لدى الشركة استثمارات مالية وعقارية، إضافةً إلى تطوير المنتج المعروف وهو "شماغ البسام" تطويراً كبيراً، واحتفلا مع الشركة الأجنبية قبل عامين على مرور (100) عام على إنشاء شماغ البسام في بريطانيا، وأصبح لدى الشركة العديد من منتجات البسام من الأشمغة مثل "البصمة" و"بلص" و"مايفير"، وكذلك "جونلين" و"المثالي"، لتوفير خيارات متعددة للزبائن، واستطاعوا بنسبة (50%) من السيطرة على سوق الأشمغة في المملكة ودول الخليج، ويعملون الآن على تحويل الشركة إلى شركة مساهمة مقفلة.
تقليد البضاعة
ورأى "العجلان" أن كل عمل فيه صعوبات، ومن أهم الصعوبات وفاة والده وإغراءات الحياة، لكن بتوفيق الله ودعوات والدته -رحمها الله- وتوجيهاتها استطاع تجاوزها، ذاكراً بعض المشاكل التي واجهته في العمل، ومنها المنافسة وتقليد البضاعة ونقلها، حيث أضطر أحياناً إلى نقل البضائع من بريطانيا إلى المملكة بواسطة السيارات، وذلك بسبب ارتفاع أجور السفن وتأخرها، إضافةً إلى ازدحام الموانئ، حيث تمكث الباخرة شهراً حتى تصل إلى الدمام، ثم الانتظار ستة أشهر تقريباً في الميناء حتى يتم التفريغ، ولحل هذه المشكلة تعاقدوا مع شركات النقل بري لنقل البضاعة من بريطانيا إلى الرياض لمدة عشرة أيام، كذلك من الصعوبات التي تواجه رجل الأعمال وجود "البيروقراطية" في الجهات الحكومية وعدم المرونة، مما يُعيق كثيراً من الأعمال التجارية، خاصةً عند بعض رجال الأعمال الصغار.
تحدي كبير
وعن مستقبل "قطاع الأشمغة" قال "العجلان": يُعد جزءاً من الزي السعودي، ونحن لنا الشرف أننا نخدم رؤوس الرجال في هذا الزي، وننتج ما يرضيهم، مضيفاً أن المستقبل فيه تحدي كبير، نظراً لانصراف الشباب إلى الأزياء الخفيفة، كما أن جودة النوعية والتطوير يكفلان رضى الجمهور، مؤكداً على أن التعامل مع الناس فيه صعوبة بالغة، وبالتالي إذا لم تتسم بالحكمة والعقل والصبر فإن الأمور لن يتم حلها بين يوم وليلة، موضحاً أن أهم سبب لنجاحهم هو توفيق الله سبحانه وتعالى أولاً، ولم يكن تميزهم وتطورهم بسبب ذكائهم أو خططهم الطموحة، إضافةً إلى الاستعانة بالله والسعي في الأرض، حيث سافر والدهم إلى السند وسيلان والهند، إلى جانب التعامل مع الزبائن بالصدق والأمانة التي كانت سبباً في إقبال الزبائن عليهم في السبعينات الميلادية والانتظار في طوابير للحصول على شماغ البسام، والبعض الآخر لا يشتريه إلاّ بالواسطة، وهذا دليل على نجاح السلعة التي يسوقونها.
يرى أن تحديات المستقبل أكبر بعد انصراف «جيل اليوم» عن الزي الرسمي
وقدم عدداً من النصائح لشباب الأعمال منها الحرص على السعي للرزق والبحث عن العمل ومخالطة الرجال والحديث معهم، من أجل اكتساب الخبرة، وكذلك ترك اللهو والاستراحات والاهتمام بالوقت وتوزيعه، كما نصحهم بالحفاظ على العادات والتقاليد الحميدة، وحثهم على تجربة الفرص والتدريب حتى يكتسبوا الخبرة.
مهمة شاقة
وعن واقع المجتمع، رأى "العجلان" أن المملكة اليوم ليست كالأمس، حيث زاد عدد السكان إلى الضعف، وارتفع المستوى الاقتصادي، مُقترحاً عمل هيكلة تامة لجميع القطاعات الحكومية، مضيفاً أنه فيما يتعلق بالتعليم فهناك قصوراً واضحاً، ومن المفترض أن يكون التعليم العام بمستوى التعليم الأهلي، خاصةً في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، فالمدارس الحكومية تنقصها التجهيزات اللازمة من المبنى المدرسي والوسائل التعليمية والمعامل والمختبرات، مبيناً أنه فيما يتعلق بالصحة فليس راضياً عن مستواها بشكل عام، لكن لا يبخسها حقها، نظراً لوجود خدمات جيدة في بعض المستشفيات وما تقدمه للمريض.
وعن واقع الإعلام قال: فيه قصور كبير مما أدى إلى فسح المجال إلى دخول الإعلام الأجنبي والخاص التجاري، الذي لا يهمه النتائج المثمرة، مقترحاً الإفادة من الفراغات الموجودة في التلفزيون في إبراز البرامج التي تصنع الوعي لدى الشباب في عدة مجالات سواء ثقافية أو اقتصادية أو أمنية، مؤكداً على أن التحدي الأكبر الذي نواجهه هو أن نعي أن وطننا اليوم ليس الأمس في عدة جوانب، لذا يجب الالتفاف حول "ولاة أمرنا" مهما كانت الظروف؛ لأننا الآن في مهمة شاقة، وهي محاربة الفساد المالي والإداري، كونه المنفذ الوحيد لعدونا، وبالتالي وجب علينا جميعاً التعاون والقضاء عليه.
مسؤولية اجتماعية
وحول برامج المسؤولية الاجتماعية والدور المطلوب من القطاع الخاص ورجال الأعمال، أوضح "العجلان" أن رجال الأعمال قدموا الشيء الكثير، لكن هذا لا يكفي الوطن؛ لأنه يحتاج منهم الكثير والكثير، مطالباً رجال الأعمال بألاّ يكون حرصهم منصب على المطالبة بحقوق القطاع الخاص دون الالتفات إلى المصلحة العامة للوطن والمواطن، كما حثهم على مراعاة المستهلك البسيط.
وعن مساهمات أبناء الشيخ محمد بن سعد العجلان" في المسؤوليات الاجتماعية أوضح أن لديهم العديد من المساهمات في خدمة المجتمع التي لا يريد الإفصاح عنها؛ لأنها لوجه الله تعالى لكنها لا تكفي رغم أنها كثيرة.