مقابلة صحيفة الجزيرة
2011-08-01

مقابلة صحيفة الجزيرة

 الجزيرة- خالد العيادة - تصوير - مشعل القدير

www.al-jazirah.com/2011/20110108/ec18.htm

 

تحوّل لقاء رجل الأعمال عبدالعزيز بن محمد العجلان بغرفة الرياض من مجرد محاضرة وسرد لقصة نجاح تجارية، إلى دراما حياتيه مؤثرة كان لها وقع السحر على جميع الحضور لما حملته من معان وقيم أسرية نبيلة، تاهت بين دروب المادة وجفاف المشاعر، ولا يوجد دليل أصدق من الدموع التي سالت عندما تسللت كلمات الأخوات هيلة والبندري العجلان إلى قلوب وعقول الحضور، وكذلك عندما تأثر اثنين من الحضور بحديث الأخوات وصفاء القلوب ليقرروا معالجة خلافاتهم التجارية مع إخوانهم وأخواتهم. كما تطرق عبدالعزيز العجلان إلى رحلة مسيرة شركة أبناء محمد السعد العجلان وقصة إهداء أول شماغ للشركة يصنع في المملكة إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض حفظه الله، وإضافة إلى قصته الطريفة مع غرفة الرياض ورغبته حضور اجتماعات مجلس إدارة الغرفة التجارية ومنع الأمين العام السابق صالح الطعيمي -الذي كان بين الحضور يستمع إلى المحاضرة- وماذا قال لعبدالعزيز العجلان حين ذاك؟، ولم يخل اللقاء من إسداء النصح إلى الشباب بعدم الاستعلاء على قيم العمل والرضا بما هو متاح والبناء عليه، والعمل بجد واجتهاد وإيمان بالله حتى يتحقق الهدف. وأشاد عبدالعزيز العجلان بموقف زوجته وزوجة أخيه المرحوم عبدالله بعد وفاة والدهما وعدم تعاطيهما مع الموقف باعتبارهما زوجات لشباب صغار ورثوا ثروة من والدهما بل كانا على حجم المسؤولية وساهما مساهمة فعالة في دعمنا والتكيف مع مسؤوليات الوضع الجديد.

وقال العجلان: شباب اليوم يتعجل بلوغ المراتب العليا، وهذا خطأ وعليهم عدم الاستعلاء وازدراء أي عمل شريف، وأضاف: إن بعضهم يريد ارتقاء السلم بدءاً من الدرجة العاشرة وهذا مستحيل، مشيراً إلى غياب دور الآباء والأسر في إسداء النصح إلى الأجيال الجديدة وتسليحهم بما يحتاجونه من رصيد خبراتهم وتجاربهم العملية ومعارفهم ودفعهم إلى المشاركة العملية.

مشروع صغير خير من وظيفة مرموقة قد لا تأتي

ويرى العجلان أن الطفرة الاقتصادية الأولى أثرت سلباً على فكر وأداء الشباب اليوم، حيث قال: ما كنا نقبله نحن في شبابنا يرفضه الشباب اليوم، وقد يحلمون بوظائف مديرين، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بعد التجربة والعمل الجاد الشاق، ومن الخير لهم أن يبدؤوا مشروعاً صغيراً أفضل من انتظار وظيفة مرموقة قد لا تأتي».

وقدم العجلان ملمحاً من سيرته ونشأته والدروس التي تعلمها من مرافقته لوالده الشيخ محمد السعد العجلان وشقيقه عبدالله العجلان يرحمهما الله وذلك في إطار المحاضرة التي نظمتها لجنة شباب الأعمال بالغرفة وسط جمع كبير من الحضور نساء ورجالاً أغلبهم من جيل الشباب المتطلعين لدخول عالم الأعمال والتجارة وقد بدأ المحاضرة الأستاذ حسين العذل الذي قدم نبذة مختصرة عن تاريخ أسرة العجلان بوصفها من الأسر التي لها علامات لا زالت باقية في ميادين العلوم الشرعية والآداب والتجارة والأعمال.

شهدت المحاضرة في جانب كبير منها التأكيد على الدور التربوي المفعم بالحكمة والصبر الذي أسداه والد العجلان إلى كل أبنائه وأصحابه ومجتمع مدينة الرياض في ذلك الوقت، وهو الدور الذي يتشارك فيه رعيل ذلك الجيل الذي اغتنى بالموروث وتشرب القيم الفاضلة القائمة على فضائل الإيثار وحب الخير وملكوا نعمة الصبر وقوة التحمل وشحذ الإرادة التي تغلبوا بها على ضيق الحاجة وندرة الفرص في ذلك الزمان.

شخصية استثنائية

ومدرسة تجارية

في بداية حديثه أشاد العجلان بشخصية والده التجارية، ووصفه بأنه كان «رجلاً استثنائياً ومدرسة تجارية» تعلم منها الكثير، وقال: إن والده حقق كل أحلامه وطموحاته في عالم التجارة دون أن يتنازل عن مبادئه وقيمه وأخلاقه، حتى مع منافسيه، وقد تجلت معالم المدرسة التربوية في منهج العجلان (الأب) في سرد (العجلان الابن) عند عدد من المحطات ذات الدلالة العميقة، فقد حرص الأب على فتح فرص التعليم بالتجريب للأبناء، واشترط على الابن بأن يأتي إلى مكان العمل عندما كان راغباً في امتلاك (سيكل) فتعلم الطفل من هذا الدرس أن الملكية لا توهب فقط وإنما تكتسب بالجهد، وفي الهند رافق والده الذي أوكل له أول مهمة عمل خارجية، ولم ينتقده والده عندما لم يوفق في حل المشكلة، لكنه في التجربة الثانية ببيروت بدا أكثر نضجاً في معالجة التكليف فكافأه الوالد.. مع التلميح بأن تصرفه الحالي أفضل بكثير من أسلوبه مع تلك التي كانت في الهند.

وسرد العجلان جانباً من التجارب الصعبة التي مرواً بها هو وشقيقه عبدالله بعد وفاة الوالد في منتصف السبعينات يرحمهما الله - لكنه أثني على كل زملاء الوالد الذين وقفوا إلى جانبهم عندما رغبوا في حصر التركة.. وبالاستعانة بعد الله بما أودعه فيهم والدهم من المعارف والتجارب تمكنوا من اجتياز محطة غياب الوالد المؤسس وانطلقا معاً نحو معالم تحديث وتطوير وتوسعة الأعمال، مشيداً بتكاتف العائلة أولاداً وبنات وتغليب المحبة والإخاء على أي عامل مادي آخر.

وفي كل محطة من محطات سرد التجربة يتوقف العجلان لاستخلاص الدروس.. ومن أهم هذه الدروس تأكيده على الشباب الذين قد تحملهم سنن الحياة إلى مواجهة انتقال روادهم إلى رحاب الله بعد عمر مديد -إن شاء الله- بأن عليهم عند ذلك أن يتعاملوا بالوضوح والشفافية وترجيح مبدأ التنازل والإيثار على نزعة الغضب والحسد، وقال: ديننا يعلمنا أن الغضب يطفئ العقل دائماً والصبر والحلم يضيئان القلوب والعقول.

ونصح عبدالعزيز العجلان الشباب بتعلم نزعة التسجيل والتوثيق لكل أعمالهم وأفكارهم.. فالفكرة مهما كانت صغيرة ومتواضعة فإنها قابلة للنمو والتوسع وبالأخص عليهم أن يسجلوا علاماتهم التجارية.. وقال إنهم اضطروا لخوض معركة استمرت لعشر سنوات حتى نجحوا في تسجيل العلامة.

حكاية شماغ البسام

وانتقل ضيف اللقاء للحديث عن تجربة شماغ البسام الذي تنتجه شركته منذ سنوات داخل المملكة، نافياً ما يتردد عن فكرة الشماغ استمدت في بداياتها من مفارش طاولات الإنجليز، مؤكداً أن تصميم الشماغ 100% سعودي ومستمد من البيئة السعودية التي تضرب بجذورها في القدم.. مشيراً إلى أن شماغ البسام كان يصنع في البداية في بريطانيا، وكانت شركة والده تمثل وكيل الشركة البريطانية المنتجة في المملكة، وروى قصة إهداء الشركة الشماغ إلى جلالة الملك خالد بن عبدالعزيز يرحمه الله، قائلاً: إن جلالته قبله بكل التواضع، وطلب منهم الجدية في العمل والتوسع في النشاط، طالباً منهم منع المتكدسين أمام مقر الشركة من الوقوف إلا بعد صلاة الفجر ثم أوضح العجلان أن شركته ظلت تطالب بالحصول على ترخيص من الشركة البريطانية لإنتاج الشماغ داخل المملكة، واستمرت المفاوضات لمدة 20 عاماً، لافتاً إلى صعوبة التفاوض مع الإنجليز الذين لا يرفضون أي فكرة مطلقاً وإنما يطرحونها للتفاوض ولو طال الزمن!.

وقال إن أول شماغ وطني تم تصنيعه داخل المملكة تشرفت الشركة بإهدائه لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض الذي قبل الشماغ مشجعاً الشركة على ترسيخ أقدامها في الإنتاج بالمملكة، وقدم لها سموه كل الدعم والتشجيع كمنتج وطني.

وسرد العجلان قصة علاقته بغرفة الرياض وهي التي بدأت بطرفة معروفة عندما أراد أن ينوب عن والده الذي كان عضواً بمجلس إدارة الغرفة فقال له الأمين العام في ذلك الوقت صالح الطعيمي (سوف ندعوك عندما يكون لدينا حفل عرس لكن هذا مجلس إدارة ولا تستطيع أن تنوب فيه عن والدك فيه) وبعد ذلك بأعوام قرر عبدالعزيز العجلان أن يخوض تجربته الانتخابية الأولى لعضوية مجلس إدارة الغرفة ولم يترفع عن وصف تجربته الأولى بالفاشلة، حيث إن التجربة الفاشلة دائماً بوابة للتجارب الأوفر حظاً والمكللة بالنجاح فقد أعاد التجربة في الدورة التالية فنجح بنسبة كبيرة ليدخل الغرفة عضواً في مجلس إدارتها.

واعتبر العجلان القطاع العقاري من أفضل منافذ الاستثمار في المملكة وأكثرها أماناً واستقراراً لكنه قال: إن معظم كبار تجار العقار دخلوا إلى القطاع من حقل التجارة بعد أن تشكل لديهم الفائض الذي يؤهلهم لدخول هذا المجال، وقال: إن العقار في المملكة في تطور ونمو وما يزال أمامه فرص كبيرة للنمو، ودعا العجلان لتجاوز الإطار العقاري التقليدي وتفعيل الأداء العقاري التطويري من خلال إقامة محافظ عقارية تساعد الشباب للدخول إلى هذا المجال شرط أن يؤطر بضوابط ورقابة جيدة لضمان الحقوق.

وشهد اللقاء الذي أداره عضو لجنة شباب الأعمال الأستاذ بدر العساكر -الذي يمثل احد تجارب رجال الأعمال الشباب الواعدة- مداخلات متنوعة من الحضور من الجانبين «الرجال والنساء» اتفقت جميعاً على تميز التجربة وتنوعها ودور الضيف في إرساء دعائم واحدة من كبريات الشركات العائلية في المملكة.

درس في صدق المعاملة

في سياق حديثه عن صدق التاجر والتزامه بأمانة الكلمة قال الشيخ عبدالعزيز العجلان إن له تجربة غرسها في تعامله والده الشيخ محمد السعد العجلان يرحمه الله، حيث كانوا يستوردون إحدى علامات الشاي المعروفة في تلك الفترة وقد التزم شفهياً بصفقة استيراد كان يمكن له أن يتراجع عنها لعدم وجود وثائق اعتمادية لها حيث نصحه البعض بعدم إمضاء الصفقة خصوصاً في ظل تراجع الأسعار ما يقارب 30% إلا عمل بدرس والده في التعاطي الصادق وأمضى الصفقة ليقدر الله ارتفاع الأسعار بعدها ويكسب أضعاف ما كان سيخسره.

هيلة والبندري العجلان.. مداخلات مؤثرة

شهد اللقاء العديد من المداخلات من الحضور إلا أن مداخلات كل من هيلة والبندري أختيّ الضيف كان لهما تأثير واضح على كثير من الحضور حين سالت دموع الضيف وعضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الأستاذ فهد الثنيان وأحيت الكثير من المشاعر والشجون، لما اشتملت عليه من عاطفة جياشة ومشاعر أخويه كشفت بوضوح عن مدى قوة العلاقة الأخوية والعائلية في دعم الشركات العائلية وصمودها وأهمية التربية الصالحة في التماسك الأسري، حيث عبرت الأختان من خلال حديثهما عن حرص الشيخ عبدالعزيز العجلان على تماسك الأسرة واهتمامه الكبير بجميع أفرادها سواء من البنات أو الأولاد والنأي بهم عن أي خلافات، وغرس القيم الأخوية وتغليبها على الأمور المادية، حيث قالت هيلة بنت محمد العجلان: إن الله منّ عليهما بأخوة حملوا أمانتهم بعد وفاة الوالد بكل إخلاص وعملوا على تعزيز التماسك الأسري وإرساء روح المحبة والعدل بين الإخوة والأخوات كما كان الوالد -يرحمه الله - يفعل، كما حرصت البندري بنت محمد العجلان من خلال كلمة أدبية بليغة على إسداء النصيحة بأهمية التمسك بالصلاة وتعاليم الإسلام والتقرب إلى الله بصلة الأرحام والعمل الصالح مشيدة بدور الإخوة في حياتهم وحرصهم على زرع التماسك الأسري وقالت: كنا نشعر بأننا في أيدٍ أمينة بعد وفاة الوالد وكنا نلمس نحن البنات من إخوتنا جميعاً وعلى رأسهم الأخ الأكبر عبدالعزيز الحرص على مصالحنا، وأموالنا، وكل خصوصياتنا.. عرفنا معنى الأخوة الحقيقة وعرفنا أهمية التضامن الأسري في نجاح حياتنا جميعاً ومنها تجربة شركتنا العائلية.

اضافة تعليق:
ملاحظات المشاركة :
- يرجى عدم الإساءة للأشخاص والمؤسسات والدول والأنظمة .
- نرجو احترام الرأي والرأي الآخر .
- كل ماينشر هنا من ردود تمثّل آراء أصحابها ، وليس بالضرورة أن يمثّل إدارة الموقع وصاحبه .
- الغاية هي الصالح العام وخدمة الوطن .
* الاسم  
   البريد الالكتروني  
   العنوان  
* التعليق
 
* اكتب ناتج 3 + 5
 
كافة الحقوق محفوظة © 2016-2024 | الموقع الرسمي للأستاذ عبدالعزيز محمد العجلان