المقيمون ووفاء مملكة الانسانية
2017-01-08

المقيمون ووفاء مملكة الانسانية

 www.maaal.com/archives/20170313/85306

يعيش العالم متغيرات اقتصادية كبرى فرضت على العديد من دول العالم تحولات غير متوقعة مثل خروج بريطانيا من السوق الاوربية وفوز الرئيس الامريكي ترامب وغير ذلك مما لا مجال لسرده. والمملكة العربية السعودية لم تكن بعيدة عن هذه المتغيرات خصوصاً أن لها موقعها الاقتصادي الكبير الذي يؤثر ويتأثر بكل تغير يحدث، القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، سلمان الحزم وجناحيه الامينان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولي العهد و ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظهم الله جميعاً حيث كانت مواكبتهم لهذه المتغيرات سريعة وموفقة بإذن الله من خلال الرؤية الوطنية التي حركت المياه الراكدة واستبقت الاحداث.


بلا شك أن اي تحول له سلبياته وإيجابيات انما مقياس النجاح هو الخروج من هذه التجربة التي فرضتها الظروف بأقل السلبيات على المواطن والمقيم وبالتالي بأكثر الإيجابيات على الوطن كله.

سيقتصر تناولي هنا على الآثار المترتبة على المقيم من الناحية الإنسانية، وان كان المواطن والاقتصاد بشكل عام سيتأثر ويؤثر في مجالات أخرى سياسية وامنية وفكرية، لكن اهتمامي بالآثار السلبية على بعض فئات المقيمين هو فعليا اهتمامي بكل ما من دوره خدمة وطني، وليس هذا تهميش للمواطن بقدر ما هو دليل على اننا مواطنون متحضرون بديننا أولاً ومن ثم مواكبتنا للحضارة العالمية التي تتصف بها شعوب العالم المتقدمة ونحن أولى منهم جميعا كيف لا ونحن امة محمد عليه الصلاة والسلام. وبالتالي فأن اقلامنا لا تقتصر بالحديث عن حق الموطن بل والمقيم تقديراً واحتراماً وانصافاً له.


اود بداية ان اوضح ان هناك نوعان من المقيمين هما الزائر والمستوطن, وهذا التصنيف ليس اختراع من عندي وانما هو واقع نعيشه  وتعيشه دول عديدة متحضرة ويجب ان نتعامل معه أيضا بواقعية ومنطقية وانسانية عُرفت واتسمت بها هذه الأرض المباركة، وعلينا  ان نعترف ان  كل المقيمين قدموا برغبة منا وبدعوة رسمية لحاجتنا لخبراتهم وسواعدهم في البناء والنماء مع اشقائهم من أبناء هذا الوطن الوافي, ولا يمثلنا ان خرجت من داخلنا بعض

الأصوات التي تنعق بكلمات جارحة او نعت في غير محله او اسلوب خطاب اعوج بفوقية مع المقيمين ولأسباب تنحصر بين الجهل وبين الاجندات السوداوية, ويبقى ان كل هؤلاء لا يمثلوننا كشعب سعودي, وكل شعوب ومجتمعات العالم لا تخلوا من امثالهم، وانني هنا اطالب الدولة باستصدار قرار يحدد العقوبة

المناسبة لكل من يتلفظ او يكتب  ضدهم ما يخالف أخلاقنا وقيمنا التي تربينا عليها والتي قد تؤدي الى تجييش النفوس مما يحدث شقا في اللحمة الوطنية الداخلية التي تشمل المواطن والمقيم الملتزم المنضبط, خصوصاً ما يتعلق بالإجراءات التي تتطلب تحقيق  الرؤية الوطنية المنشودة.


ولا يخالجني شك ان قيادتنا الحكيمة ستنصفهم بكامل حقوقهم وهم كذلك عليهم ان يدركوا ان قدومهم مرتبط بوجود بديل وطني وهذا حق لا ينازعنا فيه احد ولا ينقص من كرامتهم وتقديرنا لهم ولجهودهم  التي يشكرون عليها والتي لم نبخسهم حقهم مقابلها, وهذا ينطبق على كل الفئات من المقيمين باختلاف الوانهم واعراقهم وديانتهم لانهم بحكم شرعنا الحنيف ضيوف على هذا الوطن ويتساوون في الحقوق فيها امام نظامه وتشريعاته.


المقيم الزائر لا محالة سيرحل يوما, اما المقيمون المستوطنون فهم فئة قليلة جداً تختلف ظروف قدومهم واقامتهم عن الزائرين مما يجبرنا التعامل معهم بنظرة مختلفة خاصة من اخواننا العرب وبالذات من دول لها حق علينا إما الجوار او بالظروف القاهرة او ظروف الاستقدام وتاريخه, ومعهم بعض الاخوة من بعض الدول الإسلامية، وفي كل دول العالم نجد لهم شبيه تماماً، حيث استطاعت تلك الدول ان تستوعبهم وتستفيد منهم وتتقي ضرر عدم معالجة اوضاعهم.


بل إننا الان نجد ان النسيج الوطني يحتوي مواطنين شرفاء خدموا هذا الوطن بجهودهم بل ارواحهم وتبوؤا مناصب عليا، والبعض منهم لم يمضي على توطينهم سوي بضع من عشرات السنيين واستطعنا ان نستوعبهم ونستفيد منهم, وما الدنيا والدول الا نتاج نزوح واختلاط على مر العصور فهذه من سنن الحياة  يقول الله عز وجل في كتابه الشريف (هو الذي جعل لكم الارض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور).


نعم لدينا انسان ولد هنا واول ذرة اكسجين اعطته الحياة تنشقها على هذه الارض، تطبع بطبائع اهلها لبس ما يلبسون واكل مما يأكلون واحب ما يحبون في كل مناحي الحياة، اختلط مع ابنائهم واصبح منهم لهجةً ومعتقداً وعادات. واذكر مرة انني دُعيت من قبل صديق مقيم لحضور زواجه، وكنت اتوقع ان ارى نموذجا لحفلات ذلك الوطن الذي قدم منه والده وإذا بي أتفاجأ أن مراسم الزواج لديهم أصبحت كليا مطابقة لما هي عليه لدينا كسعوديين بما فيها مباخر عود الطيب، واقلطوا حياكم الله ويا مرحبا ومسهلا، بل لا تستطيع ان تميز بينهم وبين اي مواطن الا إذا أبرز هويته عدى ذلك مستحيل لآن الاندماج قد تم في كل الجوانب. عدي جانب الهوية.


واتذكر أنني وصديقي كنا نتحدث عن هذه الفئة كيف سيكون مصيرها فيما لو حكمت الظروف عليهم بالعودة الى موطنهم الأصلي الذي لا يعرفون عنه اي شيء مثلما اننا لا نعرف عنه اي شيء، لم نجد الاجابة لأنها صعبة، وصباح اليوم التالي جلست مع أحد المقيمين فطرحت عليه نفس السؤال وكانت الاجابة بدون تردد وسريعاً (انتحر)!!!!


ومن ثم علل مؤكداً انه لا يقصد الانتحار بحد ذاته وانما العملية بالنسبة له شبيهةً بالانتحار. انني هنا اناشد خادم الحرمين الشريفين ملك الانسانية وإمام المسلمين الذي يحكم بشرع الله ومنهجه ان ينظر بعين العطف الى هذه الفئة المحبة لهذا الوطن، الواقع والمنطق والظروف وكرم هذا الوطن وحكمة ولاة الامر تبعث على التفاؤل في ايجاد حل لهم في بطاقة مقيم خضراء يستطيع من خلالها ان يعيش مستقرا كأنه سعودي وله ان يعمل ويصرف على نفسه متمتعا بنعم الوطن، طالما ملتزما بالأنظمة والتشريعات المعمول بها. وكل من يخالف ذلك بارتكاب مخالفة تخل بأمانته او تجرمه يكون قد حكم على نفسه بأن يكون خارج من يشملهم هذا القرار


وانني متأكد ان الزمن سيصنع منهم ابناء لهذا الوطن دون تجنس يفدونه بأرواحهم واموالهم مثلما صنع غيرهم ممن سبقوهم ونالوا شرف المواطنة والجنسية، مع الاخذ بعين الاعتبار ان على أبناء الوطن ان يفهموا ان هذه الإجراءات هي لتنظيم العمل وليست انتقاما او عقوبة. نعم قد نختلف في بعض الإجراءات وقد نتفق لكن يبقى ان الامر بحاجة لمعالجة وحبذا لو رافقنا الاعلام الرسمي وكان حاضرا لتوضيح كل شيء ومنع الوقوع باي لبس او استغلال أي جهة خارجية او داخلية مندسة مثل هذه الإجراءات لبث روح الفتن والايقاع بين الاشقاء العرب والاخوة في الدين والإنسانية، اكرر اللحمة الوطنية وتكاتف الجبهة الداخلية يحتاج ان يقوى بهؤلاء المقيمين ليشكلوا إضافة قوية لواقع المملكة العربية السعودية داخليا وعلى مستوى العالم كله.

اضافة تعليق:
ملاحظات المشاركة :
- يرجى عدم الإساءة للأشخاص والمؤسسات والدول والأنظمة .
- نرجو احترام الرأي والرأي الآخر .
- كل ماينشر هنا من ردود تمثّل آراء أصحابها ، وليس بالضرورة أن يمثّل إدارة الموقع وصاحبه .
- الغاية هي الصالح العام وخدمة الوطن .
* الاسم  
   البريد الالكتروني  
   العنوان  
* التعليق
 
* اكتب ناتج 4 + 4
 
كافة الحقوق محفوظة © 2016-2024 | الموقع الرسمي للأستاذ عبدالعزيز محمد العجلان