رحم الله التاجر المتسامح علي الجديعي
0015-10-21

رحم الله التاجر المتسامح علي الجديعي

www.alriyadh.com/1093112

 في يوم الاثنين الماضي فقد مجتمع الأعمال واحدا من رجال الأعمال النادرين بأخلاقه وتعامله وصدقه وأمانته، الشيخ علي بن عبدالله إبراهيم الجديعي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.


عرفت أخي وصديقي الفاضل منذ سنوات طويلة عندما كان يأتي إلى متجر والده في قيصرية البلدية؛ والتي كانت تقع جنوب الجامع الكبير وغرب قصر الحكم القديم وهي من أول البناء المسلح في مدينة الرياض، وكان متجر والدي محمد السعد العجلان -رحمه الله- كذلك في نفس القيصرية، بل كانت تضم معظم كبار التجار منهم الراجحي، والسبيعي، والمقيرن، والسعدي، والملوحي، والسويلم، والصانع، وغيرهم العديد..


مضت الأيام وتوفي والدي، ومن ثم والده -رحمهما الله- وكل منا شق طريقه في الحياة وتشاء الأقدار التي كتبها الله عز وجل أن يكون من كبار المنافسين لنا في السوق شركة الجديعي.


وإذا كان التنافس على المال أحياناً يفرق بين الأخوين فإنه وبفضل الله لم يكن كذلك بيننا وبين الجديعي -رحمه الله-.


وإذا كان من محاسن الأمور أن يترحم عليك الناس ويذكرون صفاتك الجميلة فإنه أجمل من ذلك أن يشهد لك منافسك بذلك؛ لأن المال هو المحك الرئيسي لفحص معادن الرجال.


تقول الأمثال (بالنار يمتحن الذهب، وبالذهب يمتحن الرجال)؛ فإنني ومن هذا المنبر أشهد الله عز وجل أن علي بن عبدالله بن إبراهيم الجديعي -رحمه الله- كان منافساً شريفاً لنا، ولم يكن المال ليفرق بيننا، كان إنساناً يحمل نفساً زكية، ذو خلق وأخلاق عالية، التواضع صفته، والتميز ميزته؛ حتي وهو يحدثك بصوت هادئ.


وهذا ليس غريبا عليه فإنه من أسرة كريمة، وإخوانه الأفاضل كذلك.


كنت اتصل به في بعض الأحيان لبعض الأعمال وكان يصر إلا أن يأتي إلى مكتبي ولم يسمح لي أبدا أن آتي إليه في مكتبه، وفي آخر مرة قبل وفاته -رحمه الله- حاولت أن أذهب إليه إلا أنه وبلطف منه قال هل تريد أن تحرمني من القهوة ذات النكهة المميزة في مكتبك والذي اشتهر بها عاملك منذ سنين، وهكذا يكرمك بكرم أخلاقه.


أصدقكم القول كنت أعتقد أن بيننا تمازج في الشخصية أو كيمياء العلاقات الإنسانية أو كما جاء في الحديث الشريف (الأرواح جنود مجندة ماتعارف منها ائتلف وماتناكر منها اختلف)، إلا أنه -وبحسب خبرتي المتواضعة- فإن هذا التآلف لا وجود له ولا حتى كيمياء العلاقات الإنسانية عندما يكون المال هو الفيصل، لكن مع الجديعي لا تأثير للمال البتة، كذلك اعتقادي أن السبب كيمياء العلاقات الإنسانية لم يكن صحيحا؛ لأنني كنت أسمع من الكثير من الناس نفس ما ألمسه منه، بل أذكر أنه في نهاية الثمانينات الميلادية كنت كثير السفر إلى اليابان بسبب الأعمال، وكنت التقي بالعديد من كبار الشركات التي كانت تتعامل معه، وكل من شاهدته كان يكيل المديح والثناء عليه -رحمه الله-؟


وإذا كان هناك من صفة أطلقها عليه فإنه إنسان عالي الأخلاق بكل ماتحمل الكلمة من معنى، وخير وصف له أنه "تاجر سهل إذا باع وسهل إذا اشترى".


رحمك الله أخي الفاضل والعزيز علي، وأدعو الله عز وجل أن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة، وأن يجعل الفردوس الأعلى مقرك، وأن يلهم أهلك وأسرتك ومحبيك الصبر والسلوان، وهنيئا لك أخي هذه السمعة العطرة التي يتناقلها الناس عنك حتي بعد مماتك.


ومما يخفف علينا ألم فراقه أنه راحل إلى رب كريم رحيم، وأن أثره كله طيب؛ فقد حظي بدعوات صادقة من محبيه لما تركه من أفعال حميدة جعلت الكثير من الناس بما فيهم منافسوه بل رأيتهم بنفسي يتقدمون المصلين عليه مغرب يوم الاثنين الماضي ولم يكن ذلك ليكون لولا خصالة الحميدة وتعامله الراقي معهم.


عزائي إلى إخوان الفقيد الأفاضل؛ الذين شاركوه مهمة إكمال مسيرة والدهم -رحمه الله- وأخواته الكريمات وأبنائه عبدالله وسلمان وبناته وزوجته وجميع أسرته.


وإنا لله وإنا إليه راجعون


محبك وصديقك ومنافسك كذلك


*رئيس مجلس إدارة شركة أبناء محمد السعد العجلان


عضو مجلس غرفة الرياض

اضافة تعليق:
ملاحظات المشاركة :
- يرجى عدم الإساءة للأشخاص والمؤسسات والدول والأنظمة .
- نرجو احترام الرأي والرأي الآخر .
- كل ماينشر هنا من ردود تمثّل آراء أصحابها ، وليس بالضرورة أن يمثّل إدارة الموقع وصاحبه .
- الغاية هي الصالح العام وخدمة الوطن .
* الاسم  
   البريد الالكتروني  
   العنوان  
* التعليق
 
* اكتب ناتج 6 + 10
 
كافة الحقوق محفوظة © 2016-2024 | الموقع الرسمي للأستاذ عبدالعزيز محمد العجلان