الريف السعودي وحقه في التنمية
2016-05-01
www.al-jazirah.com/2016/20160501/ec4.htm
الريف السعودي وحقه في التنمية
،
عندما تملك الاسترخاء والهدوء ستحصل على لحظات من الصفاء الذهني ومن ثم ستملك مساقط عديدة للضوء في اي فكرةً تطرحها او موضوع تتناوله.
ومن يروض الظروف من حوله قد يتمكن من الحصول ولو على جزء من هذا الصيد الثمين.
هذا بالضبط ما حاولت ان اتمكن منه خلال اجازة الربيع المدرسية الاسبوع الماضي، عائلتي وانا قررنا قضاء اجازة الربيع في الريف النجدي الجميل خصوصاً مع هذه الاجواء الرائعة وقد كان ضيوف الشرف الاحفاد حفظ الله لكم ولنا فلذات الاكباد.
وعندما اتحدث عن الريف النجدي , فإنني اكتب عن الريف السعودي بشكل عام ، لأنها تتشابه في الظروف الإدارية وتتميز باختلاف ميزها التنافسية المختلفة في التنمية، وهذه ميزة تنموية سنتحدث عنها بعد قليل.
بضعة ايام جميلة قضيناها تحديداً في بلدة رغبة والتي تقع في الشمال الغربي من مدينة الرياض وتبعد نحو ساعة وبضع دقائق بالسيارة ويقابل رغبة من الشرق خشم الحصان أبرز انوف طويق وأشهرها يطل على رغبة من علًي وكأنه يقول لها ها أنا ذا عندك لن ابرح ابداً. وتتميز رغبة برياضها المتعددة والتي تزهو بخضرتها وروائحها الزكية في فصل الشتاء والربيع وهي اثيرة عند سكان رغبة، واهل رغبة لطفاء وكرماء وهناك ستسمع كثيرا كلمة: اقلط وفنجالً زاهب...
وهذه سمة الارياف عموماً وبالذات في وطننا الغالي المملكة العربية السعودية.
خلال تلك الإجازة حاولت ولم أفلح في الابتعاد عن افكار العمل وبالذات في عالم الأعمال واقتصاديات الوطن وتنميته، وخصوصاً في مثل هذا الوقت الذي يعيش العالم بآسره قلقاً اقتصادياً لا يسمح الوقت هنا بتفصيله بما في ذلك اقليمنا الخليجي والحروب الدائرة حوله وهو يئن من انخفاضات حاده في اسعار النفط الذي يمثل الانتاج القومي الاساسي لدول الخليج والجزيرة العربية والذي قدرت عجوزات موازناتها في عام ٢٠١٦ بنحو ٢٧٠ مليار دولار، وسيرتفع خلال العامين القادمين إذا استمر انخفاض اسعار النفط.
ليس هناك من حل سوى ان نصبح منتجين أكثر منا مستهلكين وهذا يتطلب وقتا وتخطيطاً وتوعية، من خلال اعلام ليته غط في سبات عميق بل هو في عمل دؤوب انما في الاتجاه المعاكس والسلبي.
اما الحلول الأخرى والتي هي مزيج من القروض المحلية والدولية مع رفع الدعم عن البنزين والكهرباء ورفع وفرض بعض الرسوم هي ليست الا حلول مؤقتة بل وتؤدي الى خفض التصنيف الائتماني للمقترض.
خلال ايام هذه الإجازة كنا نمضي النهار في جولات استطلاعية، زرنا وشيقر، وشقرا ، ومرات , وثرمدا , وحريملاء , والقرينة , وثادق , والقصب , والبرة , وعودة سدير , وعدد من المراكز الأخرى
وكلها تقريباً لا تبعد أكثر من ساعة من بلدة رغبة.
يجد الزائر لتلك المناطق مشاريع تنموية في بداياتها من جامعات وفروع جامعات وكليات مهنية، وكذلك بعض مظاهر للتنمية تقتصر على الانارة والتشكيلات الجمالية في بعض الشوارع والميادين, وحتي هذه المظاهر الاخيرة من انارة وتشجير وميادين لا يوجد عدالة في توزيعها بين بعض المحافظات والمراكز التابعة لها, ومن هذا الباب وجب ان تكون هناك اليات رقابية تتأكد من عدالة توزيع المشاريع التنموية بين المحافظات ومراكزها .
لفت نظري الفوارق الكبيرة في اسعار العقار بين مدينة الرياض واريافها، من هنا يجد الباحث فرصة لاستكمال بحثه، كيف نجعل من الريف رافداً قويا في التنمية المستدامة التي تعتمد علي قوى عاملة وطنية، ومن الممكن أن تكون مساعداً هاماً في حل العديد من المشكلات المستعصية مثل السكن والزحام والتخفيف على كاهل البنية التحتية للمدن، بل انني متأكد أن الريف السعودي ممكن ان يلعب دوراً هاما في تطوير الاقتصاد وهذا ما نحتاجه بالفعل.
يجب ان تكون البداية من وزارة التخطيط بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية وامارات المناطق ومفاتيح النجاح هنا ترتكز علي المحافظ ورئيس المركز ودون تكاليف تذكر في بداية الامر، وسنري نتائج مذهلة ومشجعة اقتصادياً وتنموياً،
لذلك على كل رئيس مركز وكل محافظ ان يرفع للإمارة التي يتبع لها عن الميز التنافسية المتوفرة في منطقته وهذا يبرز سؤال اخر، هل كل رؤساء المراكز والمحافظين لديهم خلفية عن التنمية والاقتصاد هل يحملون شهادات بذلك او التحق اكثرهم بدورات في التنمية الريفية واقتصاد الريف؟ الجواب: نعم يوجد البعض انما مع الاسف هذا البعض قليل جدا، وبالتالي فإن المسؤولية تقع على وزارة الشؤون والبلدية والقروية، وامارات المناطق ووزارة التخطيط، وعليهم التحرك فوراً لاستغلال وتنمية الفرص وانهاء مفهوم عفي عليه الزمن، وهو الاهتمام فقط بالمحافظة والتركيز على انارة لا أحد يستعملها ولا يحتاج لها، والعدالة كذلك في توزيعها مع المراكز الأخرى الا من رحم الله.
واتمني من امارة منطقة الرياض اختيار محافظتين من أقرب محافظات الرياض وتكون كدراسة لواقع يجب تغييره (case study)، سواء في رفع التنمية او عدالة توزيعه بين المحافظات ومراكزها.
ادعو الله ان يكتب لكم ولي السلامة ونكتب عن هذا الموضوع العام القادم.
شكراً وتحية...