من مواليد الوطن الى سمو ولي عهد الوطن
2017-10-16

من مواليد الوطن الى سمو ولي عهد الوطن

 

www.maaal.com/archives/20171016/97902


من مواليد الوطن الى سمو ولي عهد الوطن حفظه الله، منذ أيام حطت على خازنة معلوماتي الالكترونية رسالة موجهة لي، من شخص أسمى نفسه اخوك من مواليد المملكة، وهو شخص مجهول بالنسبة لي، يناشد فيها ويطلب بكل المحبة ان اكتب عن معاناة اخوة لنا ولدوا على تراب وطننا الغالي، خاطبني مبتدئاً بأنني انسان لا أضر ولا انفع الا بما شاء الله، وحتى لا يترك مجالا للنفس بالشك، أعطف انه لا يريد مني مساعدة لأنه يعي جيدا ان رزقي ورزقه على الله، وهنا انقل جزءً من نص رسالته مقتبسا:


" لم تكن واقعة الرسوم هينة فقد كانت شاقة، ليس لآنها اموال تدفع، بل لآن وقعها علينا كمواليد كانت طامة كبرى نسئل الله الصبر، ولدت وترعرعت وتحملت طيلة سنيين عديدة، ونشكر الله اولاً ثم هذه البلاد على ذلك، الرزاق هو الله، هذا لا خلاف عليه، لكن اكتب وعيناي تذرفان الدمع كلما تذكرت طريق المطار وعلى جوازي وهويتي خروج بلا عودة، لم اخرج يوماً من هنا لم تطأ قدماي سوي هذه الديار، لم اخرج تأشيرة خروج وعودة، فراق الأوطان صعب ومؤلم، ومكان ولدت فيه اريد ان اموت فيه، لكن ما الذي حدث؟" (انتهى الاقتباس) وعلى ما اقتبسته أعلاه من رسالة المجهول أقول:

احياناً ينتج عن بعض المواقف فرصة للإيضاح عن راي في قضية معينة، وهذ بالضبط ما يحصل الان حول مسألة الرسوم على الوافدين، وتحديدا من مواليد المملكة الذين لا خيارات أخرى لهم سوى البقاء في المملكة، وليسوا كبقية الوافدين, يعلم الله ما كنت سأكتب عن هذا الموضوع  لو لم امتلك القناعة التامة التي تجعلني أرى معها مشاكل لاحقة واثار سلبية جراء بعض القرارات، وكذلك اكتب رأي من باب الاستجابة لآمر خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الآمين ودعوتهما لإبداء الراي والمشورة, لان الراي الآخر هو المرآة التي تعكس وتكمل منظومة السعي لتحقيق الهدف المنشود, والذي جميعنا لا نختلف عليه، وأيضا ما اكتبه الان ليس لمجرد عاطفة وتعاطف، وان كانت مستحقة وموجودة، بل تتعدى ذلك الى مصلحة وطني, ولأنني انظر للموضع من اكثر من زاوية, أهمها مع الوطن زاوية الإنسانية والوفاء, سأحاول ان أكون موضوعيا ما استطعت, لكن ان تخلل موضوعيتي بعضا من انسانيتي فلا ضير, فان الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.


اسمحوا لي ان أبدي وجهة نظري من الناحية الإنسانية أولا فأقول: إن مواليد المملكة من الوافدين في غالبيتهم، لا صلة لهم اطلاقاً بأوطانهم التي يحملون جنسيتها، بل كثيرهم لا يملكون هناك اي شيء، لا ذكريات ولا املاك ولا حتى اصدقاء، ازيد أقول متعاطفا بأن هؤلاء الوافدين من مواليد المملكة أيضا، لا يملكون خيار بقية الوافدين الذين بإمكانهم ترحيل اسرهم الى بلدانهم الاصلية رغم أي معاناة فيها ان وجدت، انما العديد ان لم يكن الجميع من مواليد المملكة لا يعرفون أي شيء يجعل انتمائهم لأوطانهم أكثر من انتمائهم للسعودية، فقدانهم لخيار ترحيل اسرهم معضلة حقيقية, من منا ينسى مسقط راسه ومكان ولادته, ينسى الانسان اشياء كثيرة في حياته لكنه حتماً لن ينسى مسقط راسه.


‏ ‎هنا اتذكر موقفً ايام ازمة احتلال الكويت, وكان لنا تعاون مع لجنة الاشراف على النازحين, قابلتنا حالة نازحٍ تعاطفنا معه, سعودي ولد في الكويت وتربى بها، نزح مع النازحين أبان الاحتلال, وتم اعتماد اسمه لإعطائه شقة في اسكان العليا, وعند التسليم رُفض طلبه لأنه ليس كويتي، صحيح ليس كويتي وثائقيا رسميا, انما واقع الحال هو كويتي , نعم كان سعوديا على الورق فقط,  واتذكر جيدا ان مشكلته قد حلت بمجرد اتصالنا مع سمو امير الرياض في حينها خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله.


استأذن القاري الكريم ان اجعل خاتمة الزاوية الانسانية التي ننظر من خلالها لمشكلة مواليد المملكة، بداية للزاوية الأخرى، مصلحة المملكة العربية السعودية، فقد يقول قائل دعنا من العواطف فمصالح الدول الاقتصادية عادةً لها ضحايا، ويجب ان نفرق بين مصلحة الوطن ومصالح الوافدين، وهنا اقول اتفق معك فمصلحة وطني قبل اي مصلحة، وهذا هو الدافع الرئيسي الذي حرك قلمي ليكتب عن هذه الإشكالية أساسا, لنبحر محللين من زاوية المصلحة الوطنية ونقول: ‎عند النظر الى مشكلة مواليد المملكة وكيف انه من الواجب ان تكون لهم معاملة خاصة، مبنية على نظرة اقتصادية بحتة، وادعو الله عز وجل ان يُعين قلمي على اقتحام لب المشكلة وتفتيتها واستعراضها، وتحديد مكامن الخلل خصوصاً اننا نتحدث عن مشكلة اقتصادية تلعب الارقام فيها دوراً هاماً في حسم النتيجة.


بداية وجب آن أوضح انني اتفق تماماً مع هدف تقليل العمالة الأجنبية الى الحد الأقل المقبول، هذا امر لا خلاف عليه، انما الخلاف على كيف ومتى نحقق هذا الهدف، الالية والأسلوب، ‎ويعلم الله انني اكتب من واقع فكري نقدي بالمنطق والأرقام أساسه مصلحة الوطن، وليس أي مصلحة شخصية ضيقة, وعليه أقول ان هناك ما يقارب 8 إلى 10 مليون عامل اجنبي، وماكان للتنمية الهائلة والسريعة لتتم لولا توفيق الله ثم هذه العمالة اذا نظرنا لها من زاوية اليد العامله يقابله 670 آلف سعودي عاطل عن العمل حاليا، وهذه إحصاءات رسمية، وبالتالي المطلوب 670 الف وظيفة، كذلك مطلوب استمرار التنمية بنفس الاعداد، ‎هنا وجب ان ندرك ان التنميه والمنظومة الاقتصاديه تتطلب الاحلال التدريجي لا الازاحة حتى نضمن عدم الاخلال بالمنظومة الاقتصادية والتنمية.


انني هنا لاانظر الى 8 مليون عامل اجنبي بل انظر الى 8 مليون وظيفة قائمة وتستطيع المؤسسة التي توظف هذا العامل ان تدفع راتبه وخلق الوظيفة امر صعب جداً، وبالتالي علينا ان ندرك اننا لا نضع رقم بدلاً من رقم، نحن نضع انسان بدل انسان, كلاهما منتج وكلاهما من المفترض انه يعمل. والسؤال المهم: هل رغبة الاول في العمل وقدرته هي نفسها لدى الثاني؟ وهل مقاييس الاداء متقاربة ناهيكم عن جزئية الخبرات؟, نحن هنا نقترب من توضيح امر هام جداً وهو : ان المنشأة لكي تدفع راتب الموظف تعتمد على ادائه وانتاجيته وليس مجرد رقم مكان رقم, وهذا ما لا يجب ان يغيب عن عين صانع القرار, وهذا ما استحال التأكد منه في حالة القرارات التي تعمم ولا تخص, وتعتمد الازاحة الكلية بدلاً من الإحلال بالتدرج, لضمان انتقال الخبرة او ديمومتها,  وهي عامل مهم بسوق المال والاعمال, الأهم ان تناسب الوظيفة المواطن خبرة وانتاجية, باعتبار آن ليس كل الوظائف التي يشغلها الوافدون تناسب المواطن.


ان عملية التبديل هذه ليست سهلة، حتى الطوبة المراد تبديلها بطوبة اخرى في جدار معين، لأتكون بالأزاحة العشوائية السريعة، وكسر الطوبة من وسط الجدار، والذي قد يخلخل تماسكه، والاطاحة به ، انما بطريقة الحلحلة الهادئة الدقيقة بالإزميل وعامل متدرب متمرس، حتى نتمكن من إحلال طوبة مكان أخرى، وليأخذ العامل وقته كاملا بكل مهنية، لأنه بكل سهولة نريد اصلاح وتقوية الجدار وليس هدمه او تشويه وخلخلته.


قبل الختام اقول طالما عملية الاستقدام قائمة فمن باب اولى العامل المولود باالمملكة وسجله وسوابقه معروفة لدينا اولي من عامل مجهول لانعلم عن سجله الامني والاخلاقي ثم ان مواليد المملكة هم سفراء لنا لدى الجاليات الاخرى وكم نحن اليوم بحاجة الى من يصوت لنا لايصوت ضدنا ، علاوة على اننا سوف نسلم من التضخم في الأسعار, الذي اول من يتضرر به المواطن, وهذا ما يسمى في علم الاقتصاد السلامة من تسمم الاقتصاد، الذي ان حصل فإن ما يفعله بالجسم الاقتصادي نفس ما تفعله السموم بالجسم البشري، ولا يسمم الاقتصاد أكثر من قرار غير قابل لتطبيق .


واختم بالامل ان تصل حروفي الي ولي العهد سمو الامير محمد بن سلمان حفظه الله ويطلع عليها خادم الخرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والذي نرضى بما يراه لانه الاقدر على رؤية الصورة كاملة ونحن دورنا توضيح مانراه عن قرب في سوق العمل، وحفظ الله الوطن وولاة امره من كل مكروه.

 

اضافة تعليق:
ملاحظات المشاركة :
- يرجى عدم الإساءة للأشخاص والمؤسسات والدول والأنظمة .
- نرجو احترام الرأي والرأي الآخر .
- كل ماينشر هنا من ردود تمثّل آراء أصحابها ، وليس بالضرورة أن يمثّل إدارة الموقع وصاحبه .
- الغاية هي الصالح العام وخدمة الوطن .
* الاسم  
   البريد الالكتروني  
   العنوان  
* التعليق
 
* اكتب ناتج 5 + 1
 
كافة الحقوق محفوظة © 2016-2024 | الموقع الرسمي للأستاذ عبدالعزيز محمد العجلان