www.maaal.com/archives/20170313/88395
هناك فرق شاسع بين ما يراد تطبيقه وما يمكن تطبيقه في اي عمل، فالتخطيط يجب أن يراعي المتاح والمتوفر حتى تأتي نتائجه دقيقة وتصيب الاهداف المحددة وفقا للخطة المرسومة، ثم ان توسيع دائرة الرأي امر مهم جداً لوضوح الصورة بشكل ادق كشكل من اشكال العصف الذهني والتفكير الجماعي بصوت عال.
أقدم لكم هذا المقال من وسط السوق وجذور الاعمال لأنبه بأن البيئة المحاسبية وبنيتها غير جاهزة لكل هذا الكم من المتغيرات الاقتصادية من خصخصة ورسوم وقيمة مضافة، خصوصاً ان الربط الالكتروني يستوجب السرعة والدقة، وهناك متطلبات حسابية وقوائم لابد ان تقدم ليس من الشركات المؤهلة لذلك فقط بل من كل الشركات والمؤسسات التي كانت سابقا بمنأى عن المطالبة من الجهات الرسمية بالإفصاح المالي.
اليوم المؤسسات الفردية والافراد كذلك مطالبون بحسابات رسمية معتمدةً من محاسب قانوني مرخص متى ما طبقت ضريبة القيمة المضافة وغيرها من الرسوم، كل ذلك مع طموح خطة وزارة التجارة والاستثمار في زيادة عدد الشركات ذات المسؤولية المحدودة من 50 ألف حالياً الى 104 الاف اي أكثر من الضعف وهذا غير زيادة نسبة مساهمة المنشأة الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي غير النفطي.
فأمام هذا الكم الهائل من المستجدات والاعمال المرتبطة بضريبة حكومية مضافة او غير مضافة، لابد من حلول مبتكرة واعادة ترتيب المتطلبات الحسابية والقوائم وتسهيل الشروط وعدم التشدد في اجراءات لا لزوم لها فيما يقدم من معلومات حسابية خصوصاً مع القيمة المضافة التي ستوسع من الاعداد التي لن تتحملها البنية المحاسبية بشكلها وتركيبتها الحالية، هذا بخلاف قلة الوعي والتوعية عن ضريبة القيمة المضافة والتي ستكون سلسلة من المناقلات لتلكالضريبة الى ان تصل الى منتهاها وهو المستهلك الاخير.
نحن هنا لا نطالب باختراع العجلة بل ان نبدأ من حيث انتهى الاخرون, ففي الدول المتقدمة يُكتفى بما تقدمه الشركات من قوائم معتمدة من محاسب الشركة نفسها وعلى مسؤوليتها, مع عقوبات على كل من يخالف ما اقر به من صحة ما قدمه, اما هنا اليوم في المملكة وللأسف فالمطلوب محاسب شنطة معه ختم يمهر به على ميزانيتك، والأدهى ان الوزارة لا تقبل ان يُقدم لها حسابات شركات هاجعة (Dormant Company .
سأختم بقصة لمثال واقعي لمجموعة من الشباب أسسوا شركة قبل خمسة اعوام, ولظروف معينة لم تعمل شركتهم حتى حانت لها هذا العام فرصة سريعة للعمل, غير ان الوزارة لم تقبل تجديد الرخصة الا بميزانية محاسبية, ولم تقبل الوزارة بنقطة انها لم تعمل ولا يوجد أنشطة تجارية, وبالتالي لم يكن امام الشباب سوى عمل ميزانية صورية موقعة من محاسب الشركة وبختم مكتب قانوني مرخص الذي بدوره لم يختم الا بمبلغ خمسة الاف سنوياً (ونعم ختم على الميزانية كأنه يبيع الختم كمنتج وسلعة), الشباب دفعوا 25 الف ريال بسبب نظام لم يواكب التطور ولم يفرق بين نص التشريع وبين روحه, بل ان مكاتب المحاسبة اليوم وخاصة الكبيرة اصبحت تفرض اسعار خيالية مستغلة متطلبات إجراءات تجديد السجلات .
اليوم مطلوب من الوزارة وهيئة المحاسبين (خاصة الهيئة ان أرادوا ان يحافظوا على مصداقية مهنتهم وتطويرها كأحد اهم ركائز نجاح الاعمال والاستثمارات) ان يجدوا حلول جديدة ميسرة تفي بالغرض الاساسي للقوائم المحاسبية لغايات تجديد السجلات والمناقلات وغير ذلك من الاجراءات التي تطلبها المرحلة الاقتصادية الحالية كالإفصاح المالي والاستثمارات والبيع والشراء دون اجبار الناس بمحاسب قانوني في كل شاردة وواردة لأجل ان النظام او التشريع اشترط الختم.
وهذا بدوره يقودنا الى ملف اخر لاحقا ان شاء الله وهو ملف مكاتب المحاسبة القانونية وهل مهنتهم لها خصوصية معينة تجعل من يمارسها لا بد وان يتوفر فيه شروط معينة وتفرض عليه التزامات تجبره بالمصداقية وتحميه بنفس الوقت؟ .